ستنتهي أوهام الوحدة الوطنية و أفُكُ حُزني
كانت عادة حزن النساء في وسط وجنوب العراق
خاصة وفي كثيرٍ من مناطق العراق الاخرى من التقاليد المؤذية للنفس البشرية و لا
احد يستطيع تجاوز تاريخ الحزن هذا , ولكن هناك محطات أكثر ألمًا من غيرها , وفي
مقدمتها واقعة الطف الاليمة والتي خيمت على المحبين وأصبحت من صفات الايمان بالله
سبحانه وتعالى . ومن المحطات الاخرى المؤلمة
في التاريخ محطة الحرب العراقية
الايرانية , حيث قوافل الموتى المارة من
أمام أعين الطغاة ... وبعدها عاش كثير من
الشرفاء معاناة المقابر الجماعية والسجون السرية للدولة المبادة قبل تاريخ 9-4-2003 , ومن ثم تلاها شر مستطير , سقى الاسفلت من
دماء الابرياء ,التي كانت تتفجر من جثثهم مع كل مفخخة أو عبوة أو كاتم للصوت....
مع هذا التاريخ الممتد لاكثر من 1400 سنة
,وأكثر من أربعين عاما أسودا من تاريخ العراق الجمهوري .. بقين النسوة يعبرن عن
الحزن بشكل مؤلم يثير الشفقة في النفوس عليهن . فمن بعد وجبة الندب واللطم والنياحة
...ترزح النسوة تحت تحت حزن سرمدي يتمثل بأرتداء الثوب الاسود لفترات طويلة جداجدا
, تصل في أغلبها الى نهاية العمر ,ولاسيما عند النسوة الكبار في السن...فقد عشن
بسواد لفّ عليهن { الچرغد } و { العصابة } و { الشيلة } طول العمر,وكنّ
خير نائحات عند كل مأتم.... أما من يستمع لشِعرهن
في الرثاء , فأنه لايبقي ولايذر ..حتى يفتك بالسامع ويجعله نبعاً من الدمع
والمشاعر الحزينة.. وقد جرت ِ العادة على بعض النسوة من الصغيرات بالسن أو المقبلات على مناسبة مفرحة معينة ...
بأن يقوم أحد الخيرين بما يسمى { فك الحزن } وفي أحيان عديدة كان (السيد ) او كبير
العائلة هو من يقوم بذالك الفعل الطيب , المتمثل بأن يهديها ثوبا ذات لون أخر غير
الاسود ,ويطيب خاطرها بمجموعة من الكلمات ويذكرها بأحوال الدنيا الفانية...ولكن
ذالك لم يجدِ نفعا مع كبار السن من النسوة ولاجدال في الامرعندهن....
أما
أنا فلم يخطرْ في بال أحدٍ أنْ يفكَ حزني ؛ لانهم لايرونه ولايعرفون شكل الثياب
التي ترتديها روحي.. مأتمي نصبته منذ رأيت تاريخي وهويتي يسحقان ببساطيل الجنود
المرتدين للبدلة الزيتونية... ويسحلان بالشوارع وفي كتب التاريخ المزورعلى حد سواء.. لبست الاسود حين قرأت
قصاصة لشهيد لم أرَ جثته ,ولكن القصاصة تقول يمنع أقامة العزاء وعليك بدفع مبلغٍ
الرصاصة التي استقرت في جمجمتهِ... حزنت حين رأيتهم يتقافزون على مديح السلطان
وأنا في الركن الاخر أعاني الجوع الكافر.. والتهميش كوني مواطنا من الدرجة ماتحت الاخيرة... لم يخطر في بالي { بأني سأفك
حزني ولو منفردا دون السيد }؛ وذاك حين رأيت المظلوم يقرب ابناء الظالم ويعظمهم ..
تفردت بالحزن الابدي حين رأيت المظلوم يعرف اللحمة الوطنية على هواه وبحسب وزارته وبرلمانه المتخم بالمقاولات
والحوالات حد اللعنة ....
ولكني سأشتري ثوبا جديدا بلون زهري ؛ فقد استبشرت
خيرا حين سمعت من يسبني علنا, في كل صلاة ,ينادي بالاقليم أو التقسيم .. فقد آن
الاوان أنْ اغادر هذه الفسيفساء المشوه بالولادة... هم منحوني هذه الفرصة لكي أحيا
من جديد , فلا أفوتها ولا أستمع لسادتي وكبرائي الذين ما عرفوا يوما حزني أبدا...
هو رأي أعبر به عن ؟؟ ولكم الحق في الرأي , أو لعلي واهم....
جمال حسين