الأحد، 19 يناير 2014

المطرب والملحن الكبير الفنان عباس جميل عميد الأغنية البغدادية



ولدَ الفنان الكبير عباس جميل في بغداد عام 1915 في منطقة باب الشيخ محلة سراج الدين في جانب الرصافة في بداية حياته تم قبوله وهو في سن السادسة عشر من عمره طالب في مدرسة ضباط الصف المهذبين بعد اجتيازه المرحلة الابتدائية بنجاح في الكلية العسكرية حيث تخصص بالتدريب في الكلية العسكرية بدأت منذ عام 1941 وحتى عام 1947 وفي عام 1948 قام بتشكيل فرقة موسيقية للترفيه عن الجيش العراقي الذي كان متوجه الى فلسطين حتى عام 1956 تمت احالته على التقاعد من الجيش ولكن قبل ذلك دخل معهد الفنون الجميلة في السنة الدراسية 1950/ 1951 ثم عين بعدها في النشاط المدرسي وبعد ذلك نقل خدماته الى معهد الفنون الجميلة مدرسا بدأ في دراسة الموسيقى على يد كبار اساتذة الموسيقى امثال الموسيقار الراحل (روحي الخماش وسلمان شكر - جميل بشير) وقد درس اصول المقام العراقي على يد اشهر قراء المقام الكبار امثال (حسن خيوكه - عبد الهادي البياتي) فضلا عن استاذ المقام العراقي الاول (محمد القبانجي) وعاصر ايضا كبار ملحنين الاغنية العراقية منهم الملحن الكبير (رضا علي - يحيى حمدي - محمد عبد المحسن - محمد نوشي) ولكن بعد دخوله الاذاعة تعرف على المطربة المشهورة زهور حسين الذي بدأ رحلته ومشواره الفني معها منذ عام 1942 عندما لحن لها اغنيتها المشهورة (غريبة من بعد عينج يايما) وكانت من كلمات الشاعر عباس العزاوي يقول عباس جميل وهو الملحن الوحيد الذي كان رصيده بالالحان لزهور حسين العدد الاكبر والاوفر من بقية المطربين لانها كانت تتمتع بالطبقة الصوتية العالية والتي جعلتها تصدح بالجوابات وتضعف بالقرارات ولكن تمتلك روح الفطرة في الغناء الذي جعلها تهيمن وتسيطر على قوة اللحن اثناء الغناء وغالبا ما تترجم مفردات الشعر الغنائي من اللغة العربية الى اللغة الفارسية لانها كانت تجيد اللغة الفارسية مما يضيف في حلاوة الطرب في حسن واستماع المتلقي في وقت واحد وقد تخصصت في اللون الريفي وهو الطابع الذي بدأ به عباس جميل مشواره الفني معها منذ ذلك الوقت فلحن لها من الروائع (غريبة من بعد عينج يايما - جيت يااهل الهوى اشتكي من الهوى - سلمى ياسلامة - يم عيون حراكة - سودة اشلهاني يايمى - ياعزيز الروح يابعد عيني - انت الحبيب والله - تفرحون افرحلكم) ولحن ايضا اغنية غناها لنفسة (وين ابن الحلال الشاف محبوبي) كما لحن اغان عديدة للمطربة الريفية الراحلة وحيدة خليل (ماني صحت يما احا جى وين اهلنا - على بالي ابد ماجان فركاك - عين بعين على الشاطي تلاكينه) وخلال مسيرته الفنية لحن العشرات من الالحان لمطربات عراقيات مثل مائدة نزهت لحن لها (ياكاتم الاسرار - العيون - عشك اخضر) ويستمر في التلحين للمطربة صبيحة ابراهيم وعفيفة اسكندر عندما لحن لها اغنية (ياولفي شبيك خلي الحبيب يجازيك - على اعنادك) كما لحن للمطربة الكبير سليمة مراد باشا (يايما ثاري اهواي - سلوى الي بدنياي لعبد الكريم العلاف) كما لحن لأمل خضير وغادة سالم وانوار عبدالوهاب ولميعة توفيق وسيتا هوكبيان اما الاصوات الرجالية فلحن لعبد الصاحب شراد وفاضل عواد واحمد نعمة وقاسم عبيد وسعدون جابر وسعد الحلي وجاسم الخياط، كان عباس جميل متأثرا جدا بالموسيقى العربية فقد وصف يوم من الايام في احدى لقاءاته التلفزيونية بان فرقة ام كثوم كانت من أعظم الفرق الموسقية على مستوى الموسيقى العربية بلا منازع وهو متأثر كثيرا بالحان الموسيقار زكريا احمد وخاصة ايقاع التخت الشرقي الاصيل وقد تعلم عباس جميل روح الابداع من نفس وعبقرية الغناء المصري في مجال تلحين الاغاني الشعبية والتي غالبا ما تأخذ من طابع المقام العراقي الاصيل الذي يؤثر بمسامع المتلقي بشجن يفوق الخيال وكان عباس جميل يقول عن سليمة مراد بانها كانت مؤدية في الغناء من الدرجة الاولى وصوتها كان يميز من كل المطربات العراقيات وعباس جميل له اهمية استثنائية في تاريخ الاغنية العراقية ويعتبر من رواد الاغنية العراقية الشعبية، التي بدأت في سنوات الخمسينات والستينات، عباس جميل كان يحترم كبار الملحنين الذين لحنوا الاغنية البغدادية الاصيلة ومنهم الملحن رضا علي واحمد الخليل ويحي حمدي ويصفهم بانهم من كبار ملحني الاغنية العراقية وتحتفظ الاذاعة والتلفزيون بارشيف تاريخي موثق للفنان الكبير عباس جميل وحتى لاننسى بانه لحن اغنية المطرب الريفي الراحل داخل حسن (ياطبيب اصواب دلالي كلف لاتلجمه بحطت السماعة) وكانت من كلمات عبد الجبار الدراجي وسيبقى عباس جميل صاحب اكبر ارث ورصيد في الاغنية العراقية حيث بلغ رصيده من الإلحان اكثر من (400) اغنية بغدادية وريفية كانت لزهور حسين اكثر من ستين اغنية اما الاغاني الموزعة على بقية المطربين بلغت اكثر من 70 اغنية لحنا بين اغنية وقصيدة اما على مستوى تجربته في السينما فقد شارك عباس جميل في فلم (الدكتور حسن عام 1954 وغنى فيه اغنية شباب الريف، كانت من كلمات حمادة الخزعلي ومن ألحانه) اشتهرت له اغنية غنتها الاجيال لسنوات طويلة وخاصة في مدينة المدائن (سلمان باك) وهي اغنية (مايزورة سلمان عمره خصارة) وهي لون من ألوان المربع وكانت بالاصل (لداود عزرا) وكلماتها (مايزورة العزير عمره خصارة) والعزير نبي من انبياء اليهود وضريحه يقع في بلدة العزير قرب العمارة جنوب العراق اخذها الفنان عباس جميل وغير كلماتها لتتناسب مع زيارة قبر الصحابي سلمان الفارسي، اشتهر بها وبقيت حية حتى يوما هذا وقد غناها هو بنفسه في الستينات.

وعباس جميل كان متعلقا ببعض من اعماله الفنية وقد تأثر تأثرا بالغا في تلحينه لاغنية (ماني صحت يما احا جاوين اهلنا واغنية كولوا لبو عيون الوسيعة) وكانت هذه الاغنية لها حسرات بالغة لعباس جميل لما تحمله من جمل لحنية ما تبلغ من الروعة للهجة اهل الجنوب وهو ذكي الاختيار عندما قال إن هذه الاغنية لا يمكن إن تؤديها غير المطربة وحيدة خليل لانها من اهل الجنوب وهي التي تعبر اكثر من غيرها من المطربات لحنين صوتها المنسجم للاغنية وقبل إن نختم هذا الموضوع نقول بكل اجلال واكبار سيبقى عباس جميل مدرسة لكل الاجيال القادمة لتتعلم الابداع الجميل الذي تركه لنا والذي يعد بصمة لا تتكرر ولا يمكن إن تتطابق تكرارها على مدى السنين القادمة فقد رحل عن عالمنا يوم 5 /1 /2006 عنْ عمر ناهزه 91 عاما لنقول وداعا يا ايها الفنان الكبير.


*****************************************************************

 ملاحظة: الموضوع منقول للفائدة من صحيفة (المشرق) البغدادية كتبه الاستاذ (باسم الخياط)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

للنّاصرية…رعد السّيفي للنّاصريةِ..للنّاصريةْو مسيلُ نهرِ الدّمِ. يُسْقِطُ منْ سماءِ الجسرِ              أقماراً نديّةْ خُذْ يا صديقي دمعتي                  للنّاصريةْلمدينتي الأُخرى،لأمواجِ الفراتِ تَبلُّ أضلاعي بحزنِ الماءِ في..             فجرِ الدّماءْخُذني إلى لُغةِ المواقدِ، للكوانينِ العتيقةِ،للمسلّاتِ التّي تتأبطُ الأيامَ أسئلةً،و أسراراً، لِتَصعدَ حيثُ مرقى النّورِ          في الأرضِ النّبيةْ لقداسةِ الجسدِ المسَجّى فوقَ لؤلؤةِ الرّمادِ،لذلك الحزنِ المعَشِّشِ في زوايا الرّوحِيتركُ فوقَ غُصنِ نهاري المكسورِ وردَ الدّمعِ     في النّارِ النّديةْ!لتمائمِ الأرضِ التّي ظَلَّتْ مُعَلَّقةً بجيدِ الموجِ تحرسُ وحشةَ الماءِ الغريبِ مِنَ الحجرْ!لمضيفها الضوئيتسبقُهُ الشّوارعُ، و البساتينُ الفسيحةُ،و البيوتْ لعبيرِ قهوتِها المهَيَّلِ،و هو يُحييْ نكهةَ الحزنِ الحميمِ هناكَ؛حيثُ تمرُّ حنجرةُ الغناءِ بما تيسَّر من رمادِ الروحِ في ذكرى الخفوتْلروافدِ النّهرِ التّي ما انّفَكَ فيها الليلُ يسرجُ للمدينةِ…ما تبقّى من قناديلِ الكواكبِ،و الصّواري السّاهراتِعلى ظلاماتِ الجسورْ!خُذْ يا صديقي دمعتي..لا تهجعُ الكلماتُ في محرابِ ذاكَ الّليلِ..ساهرةٌ معي؛في دمعةِ الزّيتونِ؛يذرفُ أوّلَ الأحلامِ في شغفِ الّلذائذِ نحو علياءِ القبورْ! خُذْني فليسَ هناكَ من معنى لهذا الصوتِ في طُرقِ المدينةِ حينَ يسألُني نشيجُ النّهرِ عن قمرٍ تكسَّرَ في الجذورْ قدْ كانَ يحنو؛كي يعيذَ مواكبَ الأمواجِ      بالأنسامِ من قَنّاصةِ الرّيحِ الغريبةِوهي تُوغِلُ في النّحور!!تلُّ الجنائزِ يطرقُ الأب وابَ يُشْعِلُ في الرؤى غيمَ العذابِ المرَّفي عبثِ الظّلامْ تتفتّحُ الطُرقاتُ عن حشدٍ من الأرواحِ؛تبحثُ في بياضِ الفجرِعن حُلُمٍ ذبيحْ!قَدْ كانَ ينسجُ من حكايا الّليلِ لأغنيةً…لطيرِ الماءِفي النّهرِ الضريحْ!ركضت إلى اللا أينَتسحبُ رغبةَ الأنفاسِفي جثثٍ تُلوّحُ للنّهايةِ،             و هي تنأى؛إِذْ تَمرُّ هناكَ فوقَ أصابعِ الفجرِ الجريحْ!كانَ انتظارُ الموتِ يُشْبهُ شهقةً..ما كادَ يُطْلقُهامسيلُ الدّمِ كي يصحو؛ليغرقَ في سُباتِ الوقتِ حتّى يستريحْ!تلكَ المدينةُ..لم تزلْ تتوشّحُ الحزنَ النّبيْ من أوّلِ الأسماءِتغتسلُ الحروفُ بمائِهاحتّى هطولِ الحُلْمِ في ليلِ البنفسجِ، و هو يغرقُ في الدّماءْ!تلك المدينةُ..أجَّجَتْ في الّليلِ حزنَ الرّيحِ في الوطنِ الجريحْ معراجُها للشّمسِ يكبُرُ في دمي صرخاتُ قلبٍكُلَّما وَطَّنْتُها؛تَرْتَدُّ ثانيةً تصيحْ:قَدْ عادَ شيطانُ الرّمادِ بشهوةٍ وحشيّةٍ؛لتفوحَ عندَ الفجرِ رائحةُ الذّئابِ                         فصيحةً!!من صبحنا المذبوحِ، فوقَ الجسرِ،  في الأرضِ النّبيةْللنّاصريةِ...للنّاصريةْهذا غناءُ الرّوحِ..مَنْ يبكي هُناكَ كأنّما يبكي..مفاتيحَ الجِنانِ، و حكمةَ المدنِ القَصيّةْقَدْ راحَ يبكي الماءَ،و النّهرَ المسيّج بالشّموعْ يبكي اغترابَ الرّيحِ في الأبراجِ،فَيْضَ الكُحْلِ، مرتعشاً،    على سوطِ الدّموعْ قَدْ راحَ يبكيني بأفئدةٍ تُفَتِّشُ في مسيلِ الدّمِ عن سرٍّ تبرعمَمن شفاهِ الجرحِ لمْ يَمسَسْهُ خوفٌ خُطَّ في سِفْر الخشوعْ قَدْ ظَلَّ يصدحُ وحدُهُ للنّاصريةِ…لمْ يزلْ عطشُ الشّفاهِ،ولم تزلْكفّايَ آنيةً من الفخّارِتنضحُ،في اشتهاءِ الشّمسِ،                 جَنّةَ مائِها؛لتُبلَّ فوقَ الجسرِ        ذاكرةَ السّطوعْ٢٠١٩/١١/٣٠هيوستن