الثلاثاء، 19 أغسطس 2014

دينٌ بكتابين مقدّسين يعاني التهميش .. ولاعلاقة له بمقتل الحسين كشف اسرار الايزيدية ومعتقدات اتباعها



         





عبدالجبار العتابي


 التقت "ايلاف" الكاتب الايزيدي سليمان العدوي، فتحدث عن الايزيدية بكل تفاصيلها، وعن مدينتي بعشيقة وبحزاني في محافظة الموصل الشمالية، واللتين تشتهران بهذا الوجود الايزيدي، مؤكدًا أن لا علاقة للديانة الايزيدية بمقتل الامام الحسين بن علي بن ابي طالب (ع)، وأن هذه تهمة الصقت بهم أخيرًا. كما شكا التهميش الذي يعاني منه الايزيدي، الذي يحلم بحياة هانئة في العراق.
وفي ما يأتي تفاصيل الحوار:
 6676778
من هم الايزيديون، واين يعيشون؟
الأيزيديون بقايا ديانة قديمة تمركزت شمال بلاد وادي الرافدين، أطلقت عليها تسميات عدة، خصوصًا بعد مجيء الشيخ عادي بن مسافر. ومن هذه التسميات الداسنية والهكارية والعدوية وغيرها. ويقدر تعداد اتباع الايزيدية في العالم اليوم بحوالي مليون شخص أو اكثر قليلًا. يعيش نصفهم تقريبًا في العراق، أغلبهم قرب مدينة الموصل، في بلدات الشيخان وبعشيقة وبحزاني ومنطقة سنجار وفي دهوك ومناطق سميل وزمار والقوش. تعيش مجموعات صغيرة في ديار بكر  وماردين بتركيا، وفي منطقة حلب وعفرين والقامشلي بسوريا، وفي منطقة خوي بإيران، وفي الهند وجورجيا وأرمينيا. كما توجد اعداد كبيرة منهم في اوروبا، خصوصًا في المانيا والسويد والدانمارك, وكذلك في روسيا وفي أميركا. يرتدون زيًا رجاليًا في بعض المناطق قريبًا من الزي العربي، وتشبه ازياؤهم النسائية الازياء السريانية. ثمة من يقول إن اصولهم آشورية بسبب وجود تماثيل ورموز تشابه ما هو موجود في الديانة الآشورية القديمة، وبسبب تمركزهم حول نينوى، عاصمة الآشوريين الأثرية القديمة. أما لغتهم فهي الكردية، مع إتقان العربية، خصوصًا بين ساكني بعشيقة وبحزاني.


ما ديانة الايزيدي؟
التوحيد هو احد الاسس الثابتة في فلسفة الدين الايزيدي. والأيزيديون لايعتقدون بوجود الارواح الشريرة والعفاريت والشياطين والابالسة، لانهم يعتقدون أن الاقرار بوجود قوى أخرى تسيّر الإنسان تبرير لما يقوم به البشر من افعال. لذا، الإنسان في العقيدة الايزيدية هو المسؤول الاوحد عما يفعله، وليس الجن أو الارواح الشريرة. والايزيديون يعتقدون بـطاووس ملك، وهو رئيس الملائكة في الثنائية المتجسدة في وحدة الله الواحد الأحد، إضافة الى وجود تمثال لهذا الطاووس يتبركون به. و لهم كتابان مقدسان هما الجلوة ومصحف رش. تعددت القصص حول مصير هذين الكتابين على الرغم من أن الثابت أنهما كانا في لالش، بمرقد الشيخ عدي بن مسافر، مكتبة ضخمة تضم مخطوطات وكتباً قديمة وقيمة، وقد تعرضت للتلف والتمزيق والحرق نتيجة الظروف القاسية التي مرت على الأيزيدية، جراء الحملات العسكرية وحملات الإبادة الجماعية المتعددة، والتي سميت بالفرمانات، والغزو والاستباحة والقــتل والتدمير المتكرر. القبلة لدى الايزيديين هي الشمس، باعتبارها اعظم ما خلقه الله في الكون، حيث يتوجه الايزيدي اليها لأداء دعائه عند الشروق والظهيرة والغروب بكل خشوع، حافي القدمين، رافعًا يديه إلى السماء، واقفًا في مكان نظيف بعد أن يغتسل جيداً بالماء. يوم الاربعاء يوم مقدس عند الايزيدين، لا يجوز الزواج فيه. ولشهر نيسان (أبريل) قدسية خاصة، فيه يتم اشعال البخور والقناديل، خصوصًا ليلة الاربعاء وفي الاعياد والمناسبات الدينية الاخرى.

مقدسات ومحرمات

هل لديكم اماكن ورموز مقدسة؟
نعم. لدينا وادي لالش في العراق، يحج اليه الايزيديون من كل مكان في العالم. كما أن تعميد المولود الايزيدي واجب، يتم في ماء من منبع  يسمى عين البيضاء، أو كاني سبي، في لالش مع التبرك ببركات الشيخ آدي، وهي كرات صغيرة مصنوعة من تراب لالش مخلوطة بالحليب، وارتداء طوق خاص يسمى بطوق ايزي. دفن الموتى عند الايزيدية يشبه دفن الموتى عند المسلمين، على أن يكون وجه المتوفى موجهاً للشمس. والمحبب أن تكون القبور غير ظاهرة وغير مبالغ ببنائها. أما طقوس الدفن فهي تراتيل خاصة وعزف ديني على آلات دينية خاصة يؤديها رجال الدين القوالون في دار المتوفى أو في المقبرة الخاصة بالعائلة، بالإضافة إلى قراءات دينية اثناء الدفن.

هل لديكم محرمات ؟
بالتأكيد... الزنى والكفر والإلحاد والإشراك بالله وشهادة الزور وأكل لحم الخنزيز وشرب الخمر والكذب والغش والرياء والنميمة. إنها محرمات تشبه محرمات المسلمين، ما عدا الزواج من زوجة الاخ المتوفى، فهو محرم عندنا.

ما هي الممارسات التي يختص بها الايزيديون دون غيرهم؟
الابتعاد عن ذكر كلمات الشيطان والشط والنعل، والامتناع عن أكل الخس والملفوف وغيرهما، وعدم حلاقة الشاربين وارتداء الملابس البيضاء.

من اين أتت تسمية الايزيدي او الايزيدية؟
ربما هي أشورية، فمقطع (إز) يعني أنا، و(إزدا) تعني الخالق أو الذي خلقني، ومن هنا أتت تسمية (الإزيدية) أي الذين خلقهم الله(خدا). إن (الإزيديين) لم يكونوا يومًا ما طرفًا في الصراع الفكري حول مأساة الامام الحسين بن علي (عليهما السلام)، ولم يُقحموا في هذه المعمعة إلا في العقود الأخيرة. فالديانة الإيزيدية إحدى الديانات التوحيدية في بلاد ما بين النهرين.


ميزات الأيزيدية


ما الذي تتميز به هذه الديانة ؟
الأيزيدية ديانة تأملية تمر بثلاث مراحل من خلال ما يمارسه أبناؤها من طقوس. المرحلة الأولى، تقديس مظاهر الطبيعة حيث الاعتقاد  إن لكل مظهر من مظاهر الطبيعة (خداناً) أي صاحباً، حيث للشمس (خدان) والقمر، المطر، الهواء، الولادة، والموت، وكل الظواهر الاخرى. المرحلة الثانية تتمثل بالاهتداء إلى الإله الواحد، وذلك في عهد أبي الأنبياء إبراهيم الخليل (ع)، فقد توصلوا إثر تأملهم إلى عقيدة مفادها أن الذي خلقني والذي خلق نفسه (خدًا) كلاهما الخالق وهو الله، ومن هنا أتت تسميتهم بالإيزيدية أي الذين خلقهم الله، ويعزز هذا الرأي مقتطف من احد النصوص المقدسة والذي هو قول الخليقة، نقتطف ترجمة منه: ( إيزي هو الإله.. سمى نفسه بألف اسم .. والاسم الأكبر هو (خدا) الله..  إيزي يعرف مكنونات البحار.. يتحكم في هذا الكون في لحظة وساعة.. هو الذي زوج آدم من حواء). ومن هنا أتت تسميتهم بالإيزيدية وليس كما أشيع عنهم من قبل عدد من الكتاب الذين بحثوا في تاريخ الديانة وأسموهم خطأ بالايزيدية. اما المرحلة الثالثة فهي مرحلة الانعطاف المهم الذي حصل  بمجيء الشيخ عدي بن مسافر من بيت فار (بعلبك) في الشام إلى لالش. هذا العارف المشهور هو مجدد الإيزيدية، ألبسها لباس الخرقة والتصوف والعرفان واوجد طريقة توفيقية فيها القديم والجديد. وهنا كان الالتباس في فهم هذه العقيدة وأضحى من الصعب فرز الجذور القديمة مما أضافه في الظاهر الشيخ عدي إلى الديانة الإيزيدية.

نسمع كثيرًا عما يعتقده الايزيدي، فهل من نبذة عن هذا الاعتقاد؟  
الأيزيديون يعتقدون بوجود سبعة ملائكة خلقوا من نور الله وأن (طاوس ملك) هو رئيس الملائكة وأمين الله، وان قصة الخلق وادم وحواء وابراهيم الخليل ونوح وغيرها مشابه لما هي عليه في بقية الاديان. لهم صلواتهم وهي باللغة الكردية ومضمونها تأكيد لوحدانية الله، وقبلتهم الشمس (نور الله) وبهذا يماثلون (المثرائية) في عقديتهم. ويحجون إلى لالش المقدسة شمال الموصل، حيث فيها مراقد الكثير من  أوليائهم، وتجري فيها أهم طقوسهم الدينية. يؤمنون بأن الخير والشر مصدرهما واحد ويتحكم بهما الله عز وجل، ولكنه خلق في ذات كل إنسان قوتين، قوة الخير (العقل) وقوة الشر (النفس)، وهو مخير، و في الوقت نفسه يحاسبه الله يوم مماته على ما ارتكب من اخطاء وآثام. ومن الجدير بالذكر أن الديانة الأيزيدية ليست ديانة تبشيرية، فالإيزيدي هو الذي ولد من أب أيزيدي وأم أيزيدية. ينقسمون إلى طبقات دينية ثلاث، هي الشيخ والبير والمريد. لا يجوز التزاوج بين هذه الطبقات، ولا يجوز زواج الايزيدي من غير الأيزيدية. وأخيرًا يؤمنون بالحلول والتناسخ، فالروح من نور الله خالدة أزلية تنتقل من بدن إلى بدن آخر وبإرادة الاهية عظيمة.

من المؤكد أن للايزيدية اعياداً، ما هذه وما مصادرها؟
لدى الايزيدية جملة أعياد، بعضها مرتبط بالظواهر الطبيعية وأخرى مرتبطة بالمناسبات الخاصة. ومن هذه الأعياد عيد صوم إيزي، منتصف كانون الأول (ديسمبر). ففي هذا الوقت من السنة، حين يكون اليوم أقصر أيام السنة، فإن الإزيديين يصومون إلى الله ثلاثة أيام متضرعين الى الباري أن يفرج عن الشمس ويكون اليوم الرابع يوم عيد. والعيد المهم الآخر هو عيد رأس السنة الإزيدية ويصادف أول أربعاء من شهر نيسان (ابريل) الشرقي، حين تجري مراسيم وطقوس متعددة ويشاركون فيه الطبيعة بجمالها وخصوبتها. وتتبع هذا العيد الطوافات وهي اشبه بالمهرجانات والاحتفالات العامة، وتشمل كافة القرى الايزيدية وبالتتابع. ومن الأعياد الأخرى عيد مربعانية الصيف، وتجرى طقوسه في لالش، وعيد جه ما أي الجماعية، حين يجتمع الإزيديون في لالش أيضًا وتجري مراسيم وطقوس خاصة منها ذبح ثور وتقديمه قربانًا للإله، ومدته سبعة أيام.

خصوصيات وروابط

هل تعتقد أن الدين الايزيدي يمتلك خصوصية لا يعرفها الآخرون عنه ؟
ما من دين جهله الناس واختلفوا في شأنه وظهوره ومعرفة أصله كالدين الأيزيدي، وتُعزى اسباب ذلك الى كون الأيزيدية ديانة غير تبشيرية قليلة الاحتكاك بالعالم الخارجي، تمارس طقوسها الدينية بعيدًا عن الآخرين. وهذا ما دفع البعض إلى أن ينسجوا حولها الأساطير والألغاز البعيدة عن الواقع. ويضاف إلى ذلك، عدم تسجيل نصوصها الدينية وطقوسها وأصولها وعدم إطلاع الغالبية العظمى من الكتاب على ماهية هذا الدين، وقلة التحريات والتنقيبات الأثرية في مناطق سكن الأيزيدية لمعرفة بعض جوانب تاريخهم المغيب، وغياب التسامح الديني بشكل عام والخوف من الاضطهاد، و السعي المتعمد لتشويه حقائق  الآخرين ، ووالموقف الديني أو القومي المسبق.

هل للديانة الايزيدية علاقة بالأديان الآخرى ، أي تتشابه معها في اشياء معينة ؟
كون الديانة الايزيدية من بين الديانات القديمة في منطقة وادي الرافدين والهلال الخصيب، تطرح فرضية وجود قرائن وعلاقات متعددة الجوانب بين الديانات العراقية القديمة كالسومرية والبابلية والآشورية من جهة، وبين الديانة الأيزيدية من جهة أخرى. ويمكن حصر جوانب الصلة بين الأيزيدية والديانات المذكورة في بعض الطقوس والاحتفالات والأعياد وخصوصًا عيد رأس السنة الذي يصادف يوم الأربعاء الأول من شهر نيسان (أبريل)، وكان يسمى بعيد (أكيتو) عند السومريين و( سرصال) عند البابليين والأيزيديين، وكذلك مهرجانات الربيع (إحتفالات آلهة المدن) ويسمى عند الايزيديين (الطوافات). ومثلما كان الحال عند البابليين، يحرم الأيزيديون الزواج والعمل وغسل الملابس والجسم وحلاقة الرأس وحرث الأرض يوم الأربعاء ويحرمون الزواج في شهر نيسان (أبريل) ، كما كان قبلهم السومريون إذ كان يحتفل بزواج الإله (ننجرسو) بالالهة (باو) في مدينة جرسو. وهناك التقارب الكبير بين الإله آنو السومري والإله نابو البابلي وطاؤوس ملك الأيزيدي في الإله الواحد الذي تتجسد فيه قوى الخير والشّر، وفي الإرتباط بقضايا التنجيم والفلك وفي اعتبار يوم الأربعاء رمزاً لطاؤوس ملك، ونابو، وآنو. كما تلعب الأفعى دورًا كبيرًا في ميثولوجيا الأيزيدية وكذلك في ميثولوجيا الشعوب المختلفة وهي موجودة في معظم مراقدهم. وتحتوي الأحاديث التي تروي عن الحيّة تناقضات الحياة والموت، وترمز للخير والشّر في آن واحد وتعبر عن الحكمة والدهاء.أما التراتبية الدينية والالتزام بمبدأ الوراثة في المراكز الدينية فهي واحدة في الأيزيديين والبابليين.


بعشيقة وبحزاني


لماذا ما إن تذكر مدينة بعشيقة الا وتذكر معها مدينة بحزاني ؟
لأن بعشيقة وبحزاني بلدتان متجاورتان وتشكلان معًا مدينة واحدة تقع على سفح جبل بعشيقة. وهي ناحية كبيرة يتبعها قرابة 50 قرية وسكان هذه القرى هم خليط من الأيزيدية والمسيحية والأسلام، وفيها العرب والاكراد والشبك والتركمان يعيشون معًا في محبة وسلام وتآخٍ منذ آلاف السنين . وهي بالتالي تشبه عراقًا جميلًا مصغرًا.

ما معنى التسميتين ؟
بعشيقة لفظة أرامية متأصلة من كلمتين (بيث عشيقا) أي بمعنى بيت الظالم أو من (بيث شحيقي) أي بيت المنكوبين كما ورد في كتاب موجز تاريخ البلدان العراقية لعبد الرزاق الحسيني، ولبعشيقة ذكر في العديد من المراجع التاريخية ، منها  كتاب الكامل في التاريخ لأبن الأثير في ذكر حوادث الخوارج في القرن التاسع الميلادي، وفي كتاب مراصد الأطلاع لإبن عبد الحق وكتاب مختصر الدول لابن العبري وقد ذكرها ياقوت الحموي في كتابه معجم البلدان، حيث قال في وصفها: "مدينة من نواحي نينوى لها نهر جار يسقي بساتينها وتدار به عدة رحى، وبها دار إمارة، ويشق النهر في وسط البلد، والغالب على شجر بساتينها الزيتون والنخيل والنارنج، ولها سوق كبيرة، وفيه حمامات ومحال تجارية، وإلى جانبها قرية أخرى كبيرة ذات أسواق وبساتين متصلة ، وهي بلا شك (بحزاني). وفي بعشيقة كنيستان للسريان الكاثوليك على اسم مريم العذراء ، إحداها قديمة والأخرى بنيت عام 1924، وللسريان الأرثوذكس كنيسة على اسم القديسة شموني شيدت عام 1893، وفيها جامعين احدهما قديم والآخر حديث، وهناك بضعة مراقد لأئمة الأيزيدية، منها الشيخ محمد وناصر الدين والست نفيسة  وفي جنوب بعشيقة أثار دير قديم. أما بحزاني فهي لفظة أرامية متأصلة من (بيث حزياني) أي محل الرؤية او محل المشاهدة. وهي مقر هام لرؤساء الايزيدية ولهم فيها العديد من المراقد الدينية. نذكر منها الشيخ حسن والشيخ شمس والشيخ مند، الشيخ عبد العزيز وغيرها. وبحزاني لم يرد اسمها إلا نادرًا، فقد نقل محمد أمين العمري (القرن التاسع عشر) ما ذكره ياقوت الحموي في كتابه معجم البلدان عن بحزاني هذه المدينة الصغيرة الخضراء الواقعة على سفح جبل صغير، والذي يسكنها اناس معظمهم من الايزيدية.

هل يشعر المواطن الايزيدي انه مهمش؟ واي احلام وامنيات تراوده في العراق الجديد؟
نعم .. إن الايزيديين مهمشون، فليس لنا حتى وكيل وزير أو محافظ أو حتى معاون محافظ أو مدير عام. ومن حقنا أن نحلم حالنا حال العراقيين بحياة هانئة واستقرار وامن، وتولي مناصب في الدولة. لدينا عدد من الاعضاء في البرلمان العراقي وجميعهم يؤدون واجباتهم على اتم وجه وبكل جدارة، ولدينا العديد من  الاعضاء في مجلس المحافظة والجميع فازوا بالاستحقاق الانتخابي .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

للنّاصرية…رعد السّيفي للنّاصريةِ..للنّاصريةْو مسيلُ نهرِ الدّمِ. يُسْقِطُ منْ سماءِ الجسرِ              أقماراً نديّةْ خُذْ يا صديقي دمعتي                  للنّاصريةْلمدينتي الأُخرى،لأمواجِ الفراتِ تَبلُّ أضلاعي بحزنِ الماءِ في..             فجرِ الدّماءْخُذني إلى لُغةِ المواقدِ، للكوانينِ العتيقةِ،للمسلّاتِ التّي تتأبطُ الأيامَ أسئلةً،و أسراراً، لِتَصعدَ حيثُ مرقى النّورِ          في الأرضِ النّبيةْ لقداسةِ الجسدِ المسَجّى فوقَ لؤلؤةِ الرّمادِ،لذلك الحزنِ المعَشِّشِ في زوايا الرّوحِيتركُ فوقَ غُصنِ نهاري المكسورِ وردَ الدّمعِ     في النّارِ النّديةْ!لتمائمِ الأرضِ التّي ظَلَّتْ مُعَلَّقةً بجيدِ الموجِ تحرسُ وحشةَ الماءِ الغريبِ مِنَ الحجرْ!لمضيفها الضوئيتسبقُهُ الشّوارعُ، و البساتينُ الفسيحةُ،و البيوتْ لعبيرِ قهوتِها المهَيَّلِ،و هو يُحييْ نكهةَ الحزنِ الحميمِ هناكَ؛حيثُ تمرُّ حنجرةُ الغناءِ بما تيسَّر من رمادِ الروحِ في ذكرى الخفوتْلروافدِ النّهرِ التّي ما انّفَكَ فيها الليلُ يسرجُ للمدينةِ…ما تبقّى من قناديلِ الكواكبِ،و الصّواري السّاهراتِعلى ظلاماتِ الجسورْ!خُذْ يا صديقي دمعتي..لا تهجعُ الكلماتُ في محرابِ ذاكَ الّليلِ..ساهرةٌ معي؛في دمعةِ الزّيتونِ؛يذرفُ أوّلَ الأحلامِ في شغفِ الّلذائذِ نحو علياءِ القبورْ! خُذْني فليسَ هناكَ من معنى لهذا الصوتِ في طُرقِ المدينةِ حينَ يسألُني نشيجُ النّهرِ عن قمرٍ تكسَّرَ في الجذورْ قدْ كانَ يحنو؛كي يعيذَ مواكبَ الأمواجِ      بالأنسامِ من قَنّاصةِ الرّيحِ الغريبةِوهي تُوغِلُ في النّحور!!تلُّ الجنائزِ يطرقُ الأب وابَ يُشْعِلُ في الرؤى غيمَ العذابِ المرَّفي عبثِ الظّلامْ تتفتّحُ الطُرقاتُ عن حشدٍ من الأرواحِ؛تبحثُ في بياضِ الفجرِعن حُلُمٍ ذبيحْ!قَدْ كانَ ينسجُ من حكايا الّليلِ لأغنيةً…لطيرِ الماءِفي النّهرِ الضريحْ!ركضت إلى اللا أينَتسحبُ رغبةَ الأنفاسِفي جثثٍ تُلوّحُ للنّهايةِ،             و هي تنأى؛إِذْ تَمرُّ هناكَ فوقَ أصابعِ الفجرِ الجريحْ!كانَ انتظارُ الموتِ يُشْبهُ شهقةً..ما كادَ يُطْلقُهامسيلُ الدّمِ كي يصحو؛ليغرقَ في سُباتِ الوقتِ حتّى يستريحْ!تلكَ المدينةُ..لم تزلْ تتوشّحُ الحزنَ النّبيْ من أوّلِ الأسماءِتغتسلُ الحروفُ بمائِهاحتّى هطولِ الحُلْمِ في ليلِ البنفسجِ، و هو يغرقُ في الدّماءْ!تلك المدينةُ..أجَّجَتْ في الّليلِ حزنَ الرّيحِ في الوطنِ الجريحْ معراجُها للشّمسِ يكبُرُ في دمي صرخاتُ قلبٍكُلَّما وَطَّنْتُها؛تَرْتَدُّ ثانيةً تصيحْ:قَدْ عادَ شيطانُ الرّمادِ بشهوةٍ وحشيّةٍ؛لتفوحَ عندَ الفجرِ رائحةُ الذّئابِ                         فصيحةً!!من صبحنا المذبوحِ، فوقَ الجسرِ،  في الأرضِ النّبيةْللنّاصريةِ...للنّاصريةْهذا غناءُ الرّوحِ..مَنْ يبكي هُناكَ كأنّما يبكي..مفاتيحَ الجِنانِ، و حكمةَ المدنِ القَصيّةْقَدْ راحَ يبكي الماءَ،و النّهرَ المسيّج بالشّموعْ يبكي اغترابَ الرّيحِ في الأبراجِ،فَيْضَ الكُحْلِ، مرتعشاً،    على سوطِ الدّموعْ قَدْ راحَ يبكيني بأفئدةٍ تُفَتِّشُ في مسيلِ الدّمِ عن سرٍّ تبرعمَمن شفاهِ الجرحِ لمْ يَمسَسْهُ خوفٌ خُطَّ في سِفْر الخشوعْ قَدْ ظَلَّ يصدحُ وحدُهُ للنّاصريةِ…لمْ يزلْ عطشُ الشّفاهِ،ولم تزلْكفّايَ آنيةً من الفخّارِتنضحُ،في اشتهاءِ الشّمسِ،                 جَنّةَ مائِها؛لتُبلَّ فوقَ الجسرِ        ذاكرةَ السّطوعْ٢٠١٩/١١/٣٠هيوستن