الخميس، 14 أبريل 2016

أيها الارق

أيها الأرق ...
* من جواهر الجواهري وأروع القصيد وقد قدمها الشاعر بمقدمة جميلة يحكي بها بعضاً من معاناته وترابطها مع قصائده.* نظمت في براغ 1962 .نُشرت في ديوان خاص بعنوان "أيها الأرق" في 12/7/1971.
فرَّ ليلي من يدِ الظُلَمِ 
وتخطاني ولم أنمِ 
كلَّما أوغلت في حُلُمي 
خِلتُني أهوي على صنمِ
يستمدّ الوحيَ من ألمي
وَيَبُثُّ الروحَ في قلمي
آه يا أحبولةَ الفكَرِ
كم هفا طيرٌ ولم يطِرِ
* * *
خَفَقَتْ مِن حوليَ السُّرجُ
في الرُّبى والسُّوح تختلجُ
ومشى في الظُلمةِ البَلَجُ
وقِطارٌ راح يعتلجُ
بضِرامٍ صدرُه الحرِجُ
فهو في القُضبانِ ينزلجُ
وكأنغامٍ على وتَرٍ
سَعلاتٌ ذُبن في السَّحرِ
* * *
مرحبا: يا أيها الأرقُ
فُرِشتْ أُنساً لكَ الحَدَقُ
لكَ من عينيَّ منطلقٌ
إذ عُيونُ الناس تنطبِق
لكَ زادٌ عنديَ القلقُ
واليراعُ النِّضوُ والورقُ
ورؤىً في حانةِ القدَرِ
عُتّقتْ خمراً لمعتصرِ
* * *
مرحباً: يا أيها الأرقُ
فحمةُ الديجورِ تحترقُ
والنُّجومُ الزُّهرُ تفترقُ
فيَجرَّ السابحَ الغَرِقُ
شفَّ ثوبٌ للدُّجى خَلَقُ
وخلا من لؤلؤٍ طبَقُ
ومشى صبحٌ على خَدَرِ
كغريبٍ آب من سفر
* * *
أنا عندي من الأسى جبلُ
يتمشَّى معي وينتقلُ
أنا عندي وإن خبا أملُ
جذوةٌ في الفؤادِ تشتعلُ
إنما الفكرُ، عارماً، بَطلُ
أبد الآبدينَ يقتتلُ
قائدٌ مُلهمٌ بلا نَفرٍ
حُسرتْ عنه رايةُ الظَّفرِ
* * *
مرحباً: يا أيها الأرقُ
كم يدٍ أسديتَ لي كرما
أنت في عيني سنىً ألِقُ
أجتلبه بمَسْمعي نغَما
مرحباً: يا أيها القلقُ
وجدَ الضِلَّيلَ فانسجما
مرحباً يا صفوةَ الزُّمرِ
يا مُطيلاً فُسحةَ العُمُرِ
* * *
مرحباً: يا أيها الأرقُ
عاطِني من خمرةِ السَّهرِ
إن هذا العمرَ يُخترقُ
كاختراق الثوبِ بالإبرِ
وهو بالأوهام يُسترقُ
كاستراق الغيم للمطرِ
فأزِرْنيها ولا تَذرِ
كم غدٍ ألوى فلم يزُرِ
* * *
مرحباً: يا أيُّها السُّهُدُ
كم وكم أنجزتَ ما تعِدُ
خلِّ حُراساً لمن رقدوا
فلنفسي من نفسها رَصَدُ
مرحباً: يا جمرةً تقِدُ
بين موتى، كلُّهمْ جَمَدُ
مرحبا يا منقذ الفِكر
من نُيوب الخمول والخدرِ
* * *
مرحباً: يا أيها الأرقُ
أنا بالطارئاتِ أنتعش
لي فؤادٌ بالأمن يحترقُ
وجفونٌ بالنوم تنخدشُ
أحَسِبُ النفس هَزَّها القلقُ
كنفيس الكُنوز تُنتبَشُ
أكرهُ البدرَ دهرَه نسَقُ
وأُحِبُّ النجومَ ترتعشُ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

للنّاصرية…رعد السّيفي للنّاصريةِ..للنّاصريةْو مسيلُ نهرِ الدّمِ. يُسْقِطُ منْ سماءِ الجسرِ              أقماراً نديّةْ خُذْ يا صديقي دمعتي                  للنّاصريةْلمدينتي الأُخرى،لأمواجِ الفراتِ تَبلُّ أضلاعي بحزنِ الماءِ في..             فجرِ الدّماءْخُذني إلى لُغةِ المواقدِ، للكوانينِ العتيقةِ،للمسلّاتِ التّي تتأبطُ الأيامَ أسئلةً،و أسراراً، لِتَصعدَ حيثُ مرقى النّورِ          في الأرضِ النّبيةْ لقداسةِ الجسدِ المسَجّى فوقَ لؤلؤةِ الرّمادِ،لذلك الحزنِ المعَشِّشِ في زوايا الرّوحِيتركُ فوقَ غُصنِ نهاري المكسورِ وردَ الدّمعِ     في النّارِ النّديةْ!لتمائمِ الأرضِ التّي ظَلَّتْ مُعَلَّقةً بجيدِ الموجِ تحرسُ وحشةَ الماءِ الغريبِ مِنَ الحجرْ!لمضيفها الضوئيتسبقُهُ الشّوارعُ، و البساتينُ الفسيحةُ،و البيوتْ لعبيرِ قهوتِها المهَيَّلِ،و هو يُحييْ نكهةَ الحزنِ الحميمِ هناكَ؛حيثُ تمرُّ حنجرةُ الغناءِ بما تيسَّر من رمادِ الروحِ في ذكرى الخفوتْلروافدِ النّهرِ التّي ما انّفَكَ فيها الليلُ يسرجُ للمدينةِ…ما تبقّى من قناديلِ الكواكبِ،و الصّواري السّاهراتِعلى ظلاماتِ الجسورْ!خُذْ يا صديقي دمعتي..لا تهجعُ الكلماتُ في محرابِ ذاكَ الّليلِ..ساهرةٌ معي؛في دمعةِ الزّيتونِ؛يذرفُ أوّلَ الأحلامِ في شغفِ الّلذائذِ نحو علياءِ القبورْ! خُذْني فليسَ هناكَ من معنى لهذا الصوتِ في طُرقِ المدينةِ حينَ يسألُني نشيجُ النّهرِ عن قمرٍ تكسَّرَ في الجذورْ قدْ كانَ يحنو؛كي يعيذَ مواكبَ الأمواجِ      بالأنسامِ من قَنّاصةِ الرّيحِ الغريبةِوهي تُوغِلُ في النّحور!!تلُّ الجنائزِ يطرقُ الأب وابَ يُشْعِلُ في الرؤى غيمَ العذابِ المرَّفي عبثِ الظّلامْ تتفتّحُ الطُرقاتُ عن حشدٍ من الأرواحِ؛تبحثُ في بياضِ الفجرِعن حُلُمٍ ذبيحْ!قَدْ كانَ ينسجُ من حكايا الّليلِ لأغنيةً…لطيرِ الماءِفي النّهرِ الضريحْ!ركضت إلى اللا أينَتسحبُ رغبةَ الأنفاسِفي جثثٍ تُلوّحُ للنّهايةِ،             و هي تنأى؛إِذْ تَمرُّ هناكَ فوقَ أصابعِ الفجرِ الجريحْ!كانَ انتظارُ الموتِ يُشْبهُ شهقةً..ما كادَ يُطْلقُهامسيلُ الدّمِ كي يصحو؛ليغرقَ في سُباتِ الوقتِ حتّى يستريحْ!تلكَ المدينةُ..لم تزلْ تتوشّحُ الحزنَ النّبيْ من أوّلِ الأسماءِتغتسلُ الحروفُ بمائِهاحتّى هطولِ الحُلْمِ في ليلِ البنفسجِ، و هو يغرقُ في الدّماءْ!تلك المدينةُ..أجَّجَتْ في الّليلِ حزنَ الرّيحِ في الوطنِ الجريحْ معراجُها للشّمسِ يكبُرُ في دمي صرخاتُ قلبٍكُلَّما وَطَّنْتُها؛تَرْتَدُّ ثانيةً تصيحْ:قَدْ عادَ شيطانُ الرّمادِ بشهوةٍ وحشيّةٍ؛لتفوحَ عندَ الفجرِ رائحةُ الذّئابِ                         فصيحةً!!من صبحنا المذبوحِ، فوقَ الجسرِ،  في الأرضِ النّبيةْللنّاصريةِ...للنّاصريةْهذا غناءُ الرّوحِ..مَنْ يبكي هُناكَ كأنّما يبكي..مفاتيحَ الجِنانِ، و حكمةَ المدنِ القَصيّةْقَدْ راحَ يبكي الماءَ،و النّهرَ المسيّج بالشّموعْ يبكي اغترابَ الرّيحِ في الأبراجِ،فَيْضَ الكُحْلِ، مرتعشاً،    على سوطِ الدّموعْ قَدْ راحَ يبكيني بأفئدةٍ تُفَتِّشُ في مسيلِ الدّمِ عن سرٍّ تبرعمَمن شفاهِ الجرحِ لمْ يَمسَسْهُ خوفٌ خُطَّ في سِفْر الخشوعْ قَدْ ظَلَّ يصدحُ وحدُهُ للنّاصريةِ…لمْ يزلْ عطشُ الشّفاهِ،ولم تزلْكفّايَ آنيةً من الفخّارِتنضحُ،في اشتهاءِ الشّمسِ،                 جَنّةَ مائِها؛لتُبلَّ فوقَ الجسرِ        ذاكرةَ السّطوعْ٢٠١٩/١١/٣٠هيوستن