جمال حسين مسلم
انشغل الشارعُ العراقي هذه الأيام بمسألةٍ غايةٍ في الأهمية ,وهي مسألة نقل النفايات النووية الداعشية من غرب سوريا إلى
أبعد نقطة في شرقِها ,أي البو كمال وهي مدينة حدودية وعلى تماس مباشر مع الحدود العراقية وصحراء الأنبار تحديدا. حدث ذلك والعالم كله منشغل بمعارك جرود عرسال اللبنانية وجرود أخرى على الجانب السوري ,وفي وقت واحد كان الجيش العربي اللبناني ومن الجهة الثانية الجيشالعربي السوري والمقاومة ولاسيما حزب الله اللبناني يقاتلون الارهابين, وكاد الموضوع أنْ ينتهي بهزيمة نكراء للدواعش هناك لولا قضية التفاوض مع الدواعش من أجل الحصول على جثامين ابناء الجيش اللبناني المفقودة في تلك الجرود ونقاط أخرى للتفاوض…والمثير في تلك القضيةهو عملية التفاوض وكيف كسبت شرعيتها مع الدواعش الذين كفروا و ذبحوا كل من صادفوه بطريقهم بسبب وبغير سبب , ومن أين اكتسبت الأطراف المتفاوضة شرعيتها ,وهكذا وبغرابة شديدة تم تمرير الصفقة وتم توضيح الأسباب التي دعت حزب الله اللبناني على القيام بمهمة التفاوض كبديل
غير رسمي عن الحكومتين اللبنانية والسورية ,وقد أوضح سماحة السيد المقاوم حسن نصر الله كافة ظروف وملابسات التفاوض ونتائجه ,وهو رجل قل نظيره في مقدار المصداقية والوطنية التي يمتلكها بشخصه الكريم..ولكن المجتمع العراقي بات اليوم منقسما على نفسه أزاء هذه الصفقة ومانتجعنها ,فالصفقة نفسها لكثير من المهتمين بالشأن السياسي المحلي ,هي من الأمور المبهمة , والسؤال عن أسباب تفاوض هذه الجيوش التي اكتسحت داعش في الجرود بأيام قليلة , هو سؤأل محوري ,فلم تتوقف من أجل جثامين قليلة لشهداء الجيش اللبناني رحمهم الله..ألم يكن من الضروريالأجهاز كليا على الارهابيين والإفادة من أسراهم لمعرفة مصير الجثامين اللبنانية والتي أعطيت الأساس في التفاوض !!! ثم علام التفاوض وهم سيرحلون إلى منطقة أخرى ,حيث تنتظرهم معركة جديدة مع قوات المفاوض نفسه !! وفي أجواء الترحيل نفسه شاهدنا صمت القوات الجوية لدول
التحالف الغربي لمحاربة داعش وكذلك القوة الجوية الروسية والقوة الجوية التركية ,وكأن الأمر لايعنيهم من قريب ولا من بعيد وهم يشاهدون قافلة الدواعش تقطع 700 كيلومتر من غرب سوريا إلى شرقه دون أي ردة فعل تذكر منـ تلك الاساطيل الجوية المرابطة على الاراضي السوريةوبلدان الجوار ..!!وهذا ما يؤكد علمهم ورضاهم عما يحدث هناك وما يؤكد أيضا بأن الوليد الجديد في المنطقة سيكون ذات مواصفات ونوعية أخرى قد لاتخطر على البال …. وبمرور الساعات ازدادت هوة الجدال بين أطياف المجتمع العراقي الرسمية وغير الرسمية حول هذه المسألة الغريبةوإن كانت بدايتها منذ سنين مع ترحيل المسلحين لمحافظة أدلب السورية تحت رعاية تركية…فقد ظن بعض العراقيين ان رفض فكرة النفاوض مع الدواعش والاتفاق معهم ,هي محاولة طعن في الثوابت الاخلاقية لسماحة السيد حسن نصر الله والابناء المقاومين معه وهذه فكر غير سديدة ومن
يمني النفس بمثل هذه الأفكار؛فهو مريض لامحال , وذهب بعضهم الأخر إلى استغلال الموقف من أجل كسب ود دول الجوار قبل أوآن الانتخابات البرلمانية العراقية ؛فاخذ يشكك بأراء الشارع العراقي ويطعن بها ويحرف الحقائق ولاسيما فيما يتعلق بعدد شهداء معركة تلعفر … والحقيقةان مسألة الرفض الحكومي والشعبي لهذه الصفقة هي فكرة رفض لرمي النفايات السامة على حدودنا والتي ربما تمهد الأمر لمزيد من هذه النفايات على حدودنا ومن المعلوم ان ارهابي واحد قادرعلى ذبح مائة عراقي مدني بحزام ناسف واحد…وكذلك هو رأي كثير من ابناء العراق الذين لديهمابناء , يقاتلون ويجرحون ويستشهدون في حروب التحرير من جرف الصخر إلى الموصل…ومسألة التفاوض هذه تشبه بغرابتها إلى حد كبير العلاقات القطرية -الايرانية على سبيل المثال لا الحصر,فكلا الطرفين يتقاتلون فوق الاراضي السورية ويدعمون بكل مايملكون من سلاح وقوة هذا الطرف
او ذاك ومن باب ثاني يقيمون علاقات دبلوماسية واقتصادية واتفاقيات نفطية وغازية في أعلى مستوياتها…إن قلق الشعب العراق والرفض الرسمي لهذه الصفقة ,هو حق مشروع لاغبار عليه , فقد تثير زوبعة صحرواية صغيرة بعض الغبار القادم إلينا من البوكمال , وحينها نرى مجددا دماءالعراقين تسيل فوق الشوارع والساحات العامة ولاحول ولاقوة إلا بالله .